المسيح ينتقد اباء الكنيسة للباسهم الفاخر
تعتبر الكنيسة المسيحية سواء كانت شرقية ام غربية كاثوليكية ام آرذدوكسية من اعتى الانظمة الدينية في العالم واقوى المؤسسات التي تتعامل معها حتى اكبر دول العالم التي تدير دفة الانظمة الحاكمة بحذر وحيطة شديدين خوفاً من ردات فعل الشعوب التي تتبعها في كل انحاء الأرض ، ولهذا يعتبر من يوجه النقد اليها من كاتب او جهة ما فهو يتناطح مع مارد خطير سيسبب له المتاعب بسبب هذا التعرض بالقلم او الكلمة ، وسينجر لا محالة الى ساحة حرب لا هوادة لها او نزاعات لا تحمد عقباها ، ومع ذلك فقد سطرت اقلام المؤلفين خصوصاً في السنوات الاخيرة كلمات كثيرة بالنقد للكنيسة ورجالاتها الذين يدبرون امورها في كل العالم وكتب مؤلفات بهذا الصدد لاسباب وظروف مختلفة على كل حال ، وبغض النظر عن تلك الآراء المنتقدة او المحايدة فان من الصواب والمنطق والعقل القول ان اي مؤسسة دينية ما دامت تدار من قبل رجال ارضيين خطائين فهي اولى بالنقد خصوصاً ان كانت مؤسسة تعنى بعقائد الناس واخطر امر يخص حياة الشعوب وهي الاديان ، ومن هنا احببنا ان نلفت الى امور قد تبدو خافية على الناس فيما يخص سلوكيات ومسلك رجال الكنيسة ومنهم آباءها الذين تنظر اليهم الناس على انهم يقومون مقام المسيح له المجد واولى بكرسي مجده وعرشه كملك للملوك منصب من قبل الله الخالق العظيم ، فهؤلاء الرجال او الآباء كما نسميهم نحن الامة المسيحية في كل مكان في العالم من المفترض بهم ان يقوموا بالافعال التي تعكس الصورة الحقيقة للمسيحية التي جاء بها الرب من السماء وكما نزلت وبدأت دون تغيير او تبديل لناموس الرب ، لكن نظرة ثاقبة ومتمعنة بما يدور في تلك الاروقة الكنسية للآباء نجد ان بعيدة كل البعد عن الخط الذي رسمه المسيح لتلامذته الاوائل ، فعلى سبيل المثال نجد ان سيرة حياة المسيح له المجد في الانجيل كانت تتسم بالبساطة التامة حتى اصبحت مضرب مثل لكل الانسانية التي تلت عصر الرسالة الاولى للرب يسوع ، حيث نعلم ان المسيح كان يلبس ابسط الثياب واكثر ما يدل منها على طريقة حياته البسيطة والبعيدة عن البذخ والترف والاسراف وكيف يفعل العكس وهو جاء ليمسح الدمعة من عيون المحزونين والفقراء ولكي يكون اسوة وقدوة صالحة كونه هو المعلم الصالح والراعي الصالح كما يشهد الانجيل ؟!..اننا نجد ان المسيح كان يمدح في مناسبات عدة يوحنا المعمدان بسبب لباسه البسيط حيث قال (وبينما ذهب هذان ابتدأ يسوع يقول للجموع عن يوحنا: «ماذا خرجتم الى البرية لتنظروا؟ اقصبة تحركها الريح؟ لكن ماذا خرجتم لتنظروا؟ أاانساناً لابسا ثيابا ناعمة؟ هو ذا الذين يلبسون الثياب الناعمة هم في بيوت الملوك. لكن ماذا خرجتم لتنظروا؟ انبيا؟ نعم اقول لكم وافضل من نبي. فان هذا هو الذي كتب عنه: ها انا ارسل امام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك. الحق اقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء اعظم من يوحنا المعمدان ولكن الاصغر في ملكوت السماوات اعظم منه. ) متى 11 : 7-12 ، وجاء في الانجيل ذكر حياة واسلوب معيشة ولباس يوحنا المعمدان والتي يمتدحها الكتاب (ويوحنا هذا كان لباسه من وبر الابل وعلى حقويه منطقة من جلد. وكان طعامه جرادا وعسلا بريا ) متى 3 : 4-5 وهذا يدل على اسلوب ونمط حياته البسيط ولباسه الابسط الذي ان دلل على شيء فانما يدل على ان رجالات الله هم ازهد الناس بالحياة الفانية والمظاهر الخداعة المزيفة فكيف يدعي شخص انه يسير على نهج الرب بينما هو يلبس الحرير والذهب والماس والجواهر الثمينة الباهضة التي يعجز اكثر الناس في العالم عن اقتنائها ؟...ان هذا الكلام يطرح ونحن نرى بام اعيننا وليس اليوم ولكن منذ قرون من الزمن ان رجال الكنيسة والآباء في كل العالم يلبسون الثياب الغالية المرصعة بالذهب والالماس والاحجار الكريمة النادرة خلال تدرج السلك الكهنوتي في خدمة عمل الرب لا سيما اعلى سلطة في العالم وهي البابا الذي يلبس تاج الذهب والثياب الفاخرة معطياً رسالة عكسية عن التي اعطاها المسيح للمنسحقين في زمانه انه يواسيهم بمظاهر الحياة البسيطة ، اما رسالة البابا او الكاهن باللباس الفاخر الباهض الثمن فمفادها لهم بهذا المظهر انه افضل منهم وانه يستحق ان يعيش عيشة رغيدة بعيدة عن صعوبة الحياة التي يعيشها اكثر الناس في العالم لاسيما الدول الفقيرة في افريقيا وآسيا وحتى الفقراء في الدول الغنية ، وانه ينطق بلسانه مواساة الشعوب المعدمة ولا ينفذ او يفعل على ارض الواقع ما نطق به اللسان وكانه بدل ان يتأسى بسيرة حياة المسيح له المجد يفعل العكس حيث تأسى بمعلمي الشريعة الذين يقولون بالناموس ولا يفعلونه ويحملون الناس ما يتحملوه هم ، لعلة اقل ما يقال عنها انها علة واهية تمر عبر عقول السذج او المخدوعين بقدسية مزيفة لاُناس جلسوا على كرسي المسيح ، العلى التي يقومون من اجلها بلبس الثياب الفاخرة انهم وريثوا عرش المسيح وانهم خدمته ومن يقومون بتثبيت مجده على الأرض والملك يسوع احق بالتاج الذهبي كما يقولون هم ، ويحاولون بهذه الفكرة ان يعيشوا حياة الترف والرفاهية والمجد والملوكية باسم الرب وباسم دينه وناموسه الذي انتقد هذه الافعال والسلوكيات بعظمة لسانه كما يقال ، فقد سمعنا في الانجيل على لسان يسوع له المجد انه انتقد الحالة السلبية للكتبة والفريسيين الذين يعرضون العصائب ويجملون الثياب من الخارج بحجة ناموس الرب ويدعون اكبر شيء واعظم امر في ناموسه وهو تطهير الروح والنفس التي لا يمكن ان تترقى وهي تلبس الجواهر واللآليء يقول المسيح في هذه القصة (على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون فكل ما قالوا لكم ان تحفظوه فاحفظوه وافعلوه ولكن حسب اعمالهم لا تعملوا لانهم يقولون ولا يفعلون. فانهم يحزمون احمالا ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على اكتاف الناس وهم لا يريدون ان يحركوها باصبعهم وكل اعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس فيعرضون عصائبهم ويعظمون اهداب ثيابهم) متى 23 : 2-6 وقد يقول قائل ان ملابس الكهنة اليوم في الكنائس هي من اصل تعليم الرب ومن اصل ناموسه وليست خارجة عنه حيث ورد في العهد القديم وصف ثياب الكهنة انها بالشكل الذي عليه اليوم فنقول ان المسيح جاء ليتمم الناموس صحيح لا ليغيره لكن مع ذلك فانه انتقد الحالة المترفة التي كان يعيشها المتسترين بالدين والمترأسين للشعب باسم الناموس بسبب تركيزهم على المظهر الخارجي دون الجوهر الداخلي ومع وجود تلك النصوص الانجيلية التي تصرح صراحةً بمثلبة هذه السلوكيات نجد ان كنائسنا عامرة اليوم ومنذ قرون مع الاسف بممارسة ما انتقده المسيح منذ زمان طويل ، وكأنهم يعلنون صراحةً للشعوب التي تتبعهم في العالم ان شريعة المسيح قد اندثرت وتغيرت وعلينا ان نقبل ما يقوم به البابا او الأب او البطريرك في الكنيسة مهما كانت خطئاً واضحاً ودون السماح بتوجيه اي نقد او قدح للكنيسة والقائمين عليها لانهم الاعلم بشريعة الرب من كل الناس ولا يجب توجيه الانتقاد لهم ما داموا خدمة وورثة لمملكة له المجد .
0 التعليقات: