كيف نكون من المنتظرين الحقيقيين لمجيء المسيح الثاني ؟
لقد شهد التأريخ لحركات وجماعات أهتمت بموعد مجيء المسيح لكنها وقعت في اخطاء كبيرة وكارثية لأنها ركزت على تحديد موعد مجيء المسيح الثاني بدلا" من التهيئة الحقيقية لذلك اليوم وتلك الساعة ، ومثال ذلك طائفة الادفنتست المعروفة والتي حدد ملهمها ومؤسسها وليم ميلر موعد لمجيء المسيح في منتصف القرن التاسع عشر تقريبا" بين عام 1843-1844 ، وعندما لم يأت المسيح اعلن احد اتباعه موعد أخر للمجيء وهو من نفس السنة ، ومرة اخرى تخطا حسابات الادفنتستيين ليعلنوا موعدا" ثالثا" في عام 1845 ، ولا يحدث شيء ... وليست هذه الحادثة هي الأولى ولا الأخيرة من نوعها ن فقد شهد التأريخ المسيحي على طول الخط منذ عام 100 للميلاد والى اليوم تنبؤات لجهات دينية ومجموعات تتخذ منهج معين في دراسة اسفار الكتاب المقدس ومحاولة فك رموزه والشفرات المخفية فيه كي تصل اي منها الى موعد محد او تقريبي لمجيء المسيح الثاني ، ولو تمعنت تلك الجماعات ونظرت الى الكتاب وكلام السيد المسيح لأدركت ذلك الخطأ الفادح الذي وقعت فيه وتسببت في تضليل العديد من اتباعها حول العالم اضافة" الى اثارة موجة كبيرة من السخرية من قبل العلمانيين والذين يتربصون بالأديان كي يوجهوا لها النقد مع اول فرصة تسنح لهم ، وقد اعطت تلك الحركات الفرصة السانحة والمثالية لتحقيق مآرب تلك التيارات الملحدة ، بينما نجد ان الكتاب المقدس عموما" والانجيل خصوصا" لم يتطرق الى موضوع التوقيت ، بل ان المسيح نفسه قال لتلاميذه : ( واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا ملائكة السماوات الا ابي وحده ) متى 24 : 36 ، وهذا النص يكفي للإنسان ان يعلم ما هو تكليفه في كل زمان ومكان ، وما هي الطريقة الصحيحة في الانتظار الإيجابي كما يصطلح عليه ، ان الانتظار تارة" يكون سلبي فيصبح الفرد المؤمن والمنتظر للخلاص في ذات الوقت شخصا" متقوقعا" على ذاته ومنكمشا" ومنغلقا" من نواحي عديدة بحيث يكون انسان غير فعال في المجتمع وسلبي الى ابعد الحدود ، وبهذا يكون عرضة لسهام النقد من المحيط حوله من الناس الذين يرونه انسان شاذ وغير سوي ، فالانتظار وفق مفهوم هذا الشخص يعني الانعزال وترك العمل وفعاليات الحياة اليومية بحجة انتظار الخلاص او الفرج ، بينما الانتظار الإيجابي يعني ان يكون الأنسان المؤمن هو كالضوء في الظلام الدامس وكالقمر في دجى الليل المظلم ، فتراه ينير على كل من حوله من الأهل والأقارب والأصدقاء والأحبة فيذكرهم بوصايا الرب والاستعداد الصحيح والسليم ليوم المجيء وساعة الخلاص ، هو هكذا يكون كاللبنة التي تضع نفسها في الجدار المؤسس لبنيان المجتمع ، ومتى جاءت الساعة سواء كانت عاجلة ام آجلة وقريبة ام بعيدة فهو انسان منتج وشجرة مثمرة تورق اوراقها وتظلل اغصانها على المحيط فينتفع بها الجميع ويفرح بها الرب واهل السماء .
ولهذا فان كل منا يتمنى ان يكون هو من النوع الثاني وليس الأول بطبيعة الحال ، وليس تطبيق شروط تلك الشخصية بصعب ولا مستحيل بل هو بمتناول اكثرنا ، واليوم اذا ما اردنا ان نكون حقا" مثمرين ومنتظرين بالمعنى الإيجابي الذي ذكرناه علينا ان نكون واعين ومتفتحي الذهن ونافذي البصيرة كي لا يفوتنا شيء مهم ولا يمر علينا حدث ما مهم في قضية المجيء ، لأن التفاعل مع الحدث هو جزء من فلسفة الاستعداد والسهر للمجيء
فيجب علينا أن نهيأ انفسنا ونعيشها في حالة الترقب والانتظار الحقيقي للمسيح ، ولسنا نحن الذين نطري على هذا النوع من الناس ولكن الكتاب يثني عليهم بفم المسيح : ( طوبى لأولئك العبيد الذين اذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين ، الحق اقول لكم انه يتمنطق ويتكئهم ويقدم فيخدمهم ..) لوقا 12 : 37 ، ونصوص اخرى لم نذكرها لضيق المقام ، وعليه فأن هذه الفئة هي الفئة القليلة الممدوحة الصابرة الناجية الواصلة للحق والمدركة لربها متى جاء بمجده وملكوته ، ومن المفارقة ان نجد هذه الفئات التي قسمناها هنا ليس فقط عند المسيحيين وفي الوسط المسيحي فقط لا بل ان الكلام اعم واشمل ، لأن المسيحيين ليسوا وحدهم ينتظرون الخلاص على يدي الملخص ، بل ان اليهود والمسلمين وحتى ديانات اخرى ربما تشترك بهذا المطلب ، لذلك ونحن نعيش في عالم صغير بسبب التطور والتكنلوجيا الحديثة نجد ان الشعوب على اختلاف اديانها وعقائدها تضم هذه الفئات بين ثناياها تماما" مثل شعبنا واهلنا المسيحيين في العالم.
0 التعليقات: