لغة الامثال في الكتاب المقدس : مثل العبد القاسي
ضرب المسيح له المجد في انجيله المبارك مثلاً مهماً في قضية انتظار المسيح المخلص وهو مثل العبد القاسي والذي جاء فيه على لسان يسوع له المجد : (لذلك يشبه ملكوت السماوات انسانا ملكا اراد ان يحاسب عبيده. فلما ابتدأ في المحاسبة قدم اليه واحد مديون بعشرة الاف وزنة. واذ لم يكن له ما يوفي امر سيده ان يباع هو وامراته واولاده وكل ما له ويوفى الدين. فخر العبد وسجد له قائلا: يا سيد تمهل علي فاوفيك الجميع. فتحنن سيد ذلك العبد واطلقه وترك له الدين. ولما خرج ذلك العبد وجد واحدا من العبيد رفقائه كان مديونا له بمئة دينار فامسكه واخذ بعنقه قائلا: اوفني ما لي عليك. فخر العبد رفيقه على قدميه وطلب اليه قائلا: تمهل علي فاوفيك الجميع. فلم يرد بل مضى والقاه في سجن حتى يوفي الدين. فلما راى العبيد رفقاؤه ما كان حزنوا جدا. واتوا وقصوا على سيدهم كل ما جرى. فدعاه حينئذ سيده وقال له: ايها العبد الشرير كل ذلك الدين تركته لك لانك طلبت الي. افما كان ينبغي انك انت ايضا ترحم العبد رفيقك كما رحمتك انا؟. وغضب سيده وسلمه الى المعذبين حتى يوفي كل ما كان له عليه. فهكذا ابي السماوي يفعل بكم ان لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لاخيه زلاته ...)
احبتي ان المسيح معلمنا له المجد يعطينا في هذا المثل درس كبير في المحبة والتسامح مع من نحب ، انه يصور لنا في كلامه مرآة لعالم الملكوت الذي ننتظر ان نكون جزءاً منه كل لحظة ، يعلمنا كيف نتعامل مع من يخطأ الينا سواء كان بقصد او بغير قصد ، يعلمنا ان لا نتوقف عند الاخطاء والإساءة بل نتجاوز ونمضي الى المحبة والسلام والصفح والغفران وترك الضغينة فكلنا يخطأ وكلنا يحتاج من يسامحه وينتظر تلك اللحظة التي يصفح عنه من يحب ، تخيلوا كيف ستكون الحياة اذا وجد كل من يخطأ من يسامحه ، واذا وجدنا في نفوسنا صعوبة في تقبل ذلك علينا ان نتذكر اننا وقت الخطيئة نتمنى ونرجو من الرب ان يسامحنا ..اذن هكذا احبتي يجب ان نسامح ونصفح ، نسامح من ؟...نسامح الذي يسامح ولا نسامح من يمسك علينا الصعاب اذا جئناه خطائين حتى يرتقي المجتمع الى هذا العالم المثالي ....علينا ان نكون صادقين كما ارادنا الآب كما ارادنا المسيح وحدثنا الانجيل ومع ذلك احبتي فان الانسان لا يجب ان يكون مصراً على الخطأ بل نحاول ان نكون قليلي الأخطاء حتى يتقبلنا الرب اولاً وحتى لا يجد من يسامحنا ذلك مثلبةٌ فينا ، لأن كثير الخطأ والمتعمد الخطأ والمصر على الخطأ يكون منبوذ بين الناس فلا يتكل الخطاء على مسامحة الآخرين فيفسد المجتمع .
وكذلك يستفاد من المثل قضية بالغة الأهمية ترتكز عليها مسيرة الانسان المؤمن في ظل دعوة الحق وهي العلاقة بين الانسان المؤمن واخيه ، فالواجب على كل انسان مؤمن ان يغفر لاخيه اخطائه وزلاته ، ولا يحاسب اخاه على كل صغيرة وكبيرة والا سوف يؤدي الى سوء الآصرة بين انصار دعوة الحق وقد حث المسيح في مواضع عدة من وصاياه الانجيلية تلامذته على التركيز على قضية المسامحة والغفران بين الاخوة المؤمنين حيث قال معقباً على كلام بطرس الذي سأله قائلاً : ( يا رب كم مرة يخطئ لي اخي وانا اغفر له هل الى سبع مرات ؟.. قال له يسوع لا اقول لك الى سبع مرات بل الى سبعين مرة سبع مرات ) وقال في موضع آخر من الانجيل ( وانا اخطأ اليك اخوك فوبخه وان تاب فاغفر له وان اخطأ اليك سبع مرات في اليوم قائلاً انا تائب فاغفر له ) .
ما دام الانسان لا يغفر لاخيه الانسان زلاته فان الرب سيحاسبه على قدر محاسبته للناس فيسقط في الاختبار والتجربة الأولى ولا يستطيع ان يستمر في المسير في طريق دعوة الحق . اذن هي لوحة جميلة يرسمها لنا معلمنا لبناء المجتمع الصحيح وهذه اللوحة تتضمن دروس في توثيق العلاقة بين الاخوة في الايمان لا سيما المنتظرين لمجيء الخلاص على يد الرجل الإلهي الذي كان ولا زال مثلاً يحتذى به في الاخلاق والمسامحة والمحبة والسلام والغفران .
من فكر المسيح العائد
0 التعليقات: